سادسًا: أن يكون الجاني قد أوقع على المجني عليه فعلا قاتلا:
يتبين لنا مما تقدم أن الفعل الذي يؤدي إلى قتل المجني عليه إما أن يكون فعلا مباشرًا؛ أي: فعلا يؤثر في هلاكه ويحدثه دون واسطة؛ كأن يقتله بسلاح وما جرى مجراه مما يقتل غالبًا، أو يكون فعلا أدى إلى القتل تسببا؛ أي: أن الجاني قصد المجني عليه بفعل أدى إلى إهلاكه بواسطة؛ كأن يحفر الجاني بئرا في طريق يسلكه المجني عليه بقصد إهلاكه، أو يغري كلبا عقورا به، فيموت المجني عليه بسبب وقوعه في البئر، أو بسبب عقر الكلب له، فإن الأمر الذي يضاف القتل إليه مباشرة هو الوقوع في البئر، أو عقر الكلب، ولكن هذا السبب وإن كان مباشرا إلا أنه غير عامل في ذاته، ولكنه أصبح عاملا بفعل الجاني -وهو الحفر أو الإغراء بقصد إهلاكه- ففعل الجاني هنا تسبب في إحداث النتيجة وهي الموت، فأضيف الموت إلى المتسبب؛ لأنه لم يتخلل بين السبب والنتيجة ما يصلح أن يضاف القتل إليه، فظل السبب عاملا ومؤثرا في إحداث هذه النتيجة، ونوضح فيما يلي آراء الفقهاء في موجب القتل مباشرة وتسببا:
القتل مباشرة:
لقد أوضح الفقهاء -كما سبق تفصيله- أن القتل مباشرة قد يقع بسلاح وما جرى مجراه في تفريق الأجزاء، قد يقع بالمثقل ونحوه مما يقتل غالبا، وقد يقع بما لا يقتل غالبا.