موسعة، ونكتفي هنا ببحث موقف العاقلة من هاتين الجنايتين إذا كانت الجناية خطأ بإيجاز:
١- جناية العبد على غيره خطأ:
إذا ارتكب العبد جناية خطأ على غيره فإن للفقهاء رأيين في تحمل العاقلة دية المجني عليه:
أولهما: يرى جمهور الفقهاء "الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية، والإمامية" ألا تتحمل العاقلة دية المجني عليه "وإنما تتعلق الجناية برقبته، كما صرح الشافعية والحنابلة. أو يخير المولى بين أن يدفعه بالجناية أو يفديه، كما قال الحنفية والزيدية" وقد حكى البيهقي الإجماع على ألا تتحمل العاقلة هذه الجناية، إلا أن هذا الإجماع لم يسلم؛ لما سيأتي إيضاحه في الرأي الثاني، وقد استدلوا لهذا الرأي بدليلين:
الأول: ما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال:"العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة" رواه الدارقطني، وقد فسروا هذا الخبر بأن المراد به أن العاقلة لا تعقل الجناية عمدا ولا جناية العبد على غيره، كما يدل على ذلك ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس:"لا تحمل العاقلة عمدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما جنى المملوك" فإن هذا الخبر نص في عدم تحمل العاقلة جناية المملوك.
الثاني: قالوا: إن المعنى المعقول من تحمل العاقلة عن أحد أفرادها هو التناصر، ولا تناصر بالعبد، فلا تتحمل العاقلة عنه.
وأيضا فإن تحمل العاقلة جناية الحر جاء على خلاف الأصل؛ أي: أنه جاء على خلاف القياس "فإن القياس أن يتحمل الجاني جنايته لا أن يتحملها غيره"، وما جاء على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس.