للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضا فإن عموم النهي في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} ١ يندرج تحته قتل الإنسان نفسه.

فإن هذا البنيان الذي شيده الله -جل شأنه- وبعث فيه الحياة وميزه بالعقل؛ ليباشر مهامه في المجتمع، ويؤدي دوره في الحياة الدنيا.. لايرضى الله تعالى عمن يهدمه، أو يناله بأي أذى، سواء كان هذا الأذى واقعا على النفس أم على جزء منها، وسواء كان الجاني جانيا على نفسه أم على غيره، كل ذلك منهي عنه، وكل مرتكب لشيء من ذلك معاقب، حتى وإن قتل نفسه أو قتر عليها في الإنفاق، أو حجب العقل عن أن يباشر مهامه التي خلق من أجلها؛ لأن هذا البنيان هو بنيان الله لا يملكه أحد سواه، ولا يهدمه إلا مالكه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الإنسان بنيان الله ملعون من هدم بنيانه".

ولذلك نجد أن عقوبة قاتل نفسه عقوبة متناهية في الشدة، أوضحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدًا، ومن تحسى سُما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدًا فيها أبدًا" رواه البخاري ومسلم٢.

كما روي عن جندب البجلي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كان ممن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا، فجز بها يده، فسال الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة" أخرجه البخاري ومسلم.


١ سورة الإسراء الآية ٣٣.
٢ راجع الترغيب والترهيب للمنذري ج٣ ص٣٠٠.

<<  <   >  >>