للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أن ما استدلوا به هو أثر عن جعفر الصادق -رضي الله عنه- وهو لا يعارض الأحاديث الصحيحة والواردة في الباب، والتي سيأتي ذكرها في الرأي الثاني والثالث.

الثاني: يرى المالكية، والنخعي، والزيدية، والإمامية على أظهر الأقوال: أن القتل الخطأ لا يمنع القاتل من ميراث مال المقتول، ولكن يمنعه من أن يرث من ديته، وقد استدلوا بما يأتي:

١- روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في خطبته يوم فتح مكة: "لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين، والمرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا، فإن قتل أحدهما صاحبه عمدا لم يرث من ماله ولا من ديته، وإن قتله خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته" رواه الدارقطني من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص١.

وقال الإمامية: إن هذا القول جامع بين النصين، ولأن الدية يجب على القاتل دفعها إلى الوارث؛ لقوله تعالى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} .

فلو قلنا: إنه يرث من الدية، فحينئذ لا تدفع الدية كاملة إلى أهله؛ حيث إنه سيستحق بعض الدية باعتباره وارثا، فيدفع إلى الورثة نصيبهم، ويدفع إلى نفسه نصيبه ودفع القاتل إلى نفسه لا يعقل؛ إذ إنه يؤدي إلى أن توجب الجناية دفع شيء إلى الجاني، والمعقول أن توجب دفع شيء إلى المجني عليه٢.

الرأي الثالث: يرى الحنفية "مع مراعاة أن الحنفية يجعلون القتل بسبب


١ في التعليقات على البحر الزخار ج٥، ص٣٦٧.
٢ راجع الروضة البهية ج٢، ص٢٩٧.

<<  <   >  >>