١- أما إن كانت الآلة المستخدمة في التأديب والتهذيب أو اللعب تقتل قطعًا أو غالبًا، فإن الجناية تكون عمدا عند جمهور الفقهاء "الحنفية١ والمالكية وكذا الشافعية والحنابلة -على الرأي الراجح- وكذا الزيدية والإمامية والظاهرية والإباضية".
"أما من اشترط من الفقهاء ضرورة توافر قصد القتل، فإنه يرى أن هذه الجريمة شبه عمد"، وهو رأي لبعض فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة، وقد سبق إيضاحه.
٢- أما إن كانت الآلة المستخدمة في التأديب والتهذيب لا تقتل إلا نادرًا فإن فقهاء "الحنفية والشافعية والحنابلة والإمامية" يجعلونها "شبه عمد" تجب فيه الدية ولا يجب فيه القصاص.
أما المالكية والزيدية، فقد جعلوا هذه الجناية خطأ فيها الدية على العاقلة؛ وذلك لأن هذين المذهبين يجعلان الجريمة إما عمدا أو خطأ ولا ثالث لهما -كما سبق أن نوهنا- وسيأتي مناقشة ذلك تفصيلا في جناية شبه العمد.
وأما الظاهرية -وهم من المنكرين لجريمة شبه العمد أيضا- فإنهم يجعلون هذه الجناية عمدا.
والظاهر هو الرأي الأول الذي يجعل هذه الجريمة "شبه عمد"؛ لأنه قد اقترن قصد الفعل بعدم قصد القتل بقرينة استعمال الآلة التي لا تقتل إلا نادرا، أي اقترن العمد بالخطأ، وهذا ينفي كونها عمدا خالصا، كما ينفي كونها خطأ محضا، فكانت في مرتبة وسطى، وهي شبه العمد؛ حفظا لأرواح الناس من الإهدار، ورعاية لأسرة المقتول وورثته، وتأديبا للجاني.
١ مع مراعاة رأي أبي حنيفة في اشتراطه في القتل العمد الموجب للقصاص: أن يكون بما يقتل قطعا، وإلا كان شبه عمد، وقد تقدم.