أما إذا ألقاه في ماء يسيير أو في نار ويمكنه التخلص منهما، فلبث فيه اختيارا، ولم يخرج حتى مات فهدر؛ لأنه مهلك نفسه.
ومن هذا يتضح لنا أنه لما تخلل بين الفعل والنتيجة سبب آخر؛ وهو إهمال المجني عليه وتراخيه عن إنقاذ نفسه من الهلاك الذي أوقعه فيه الجاني انقطعت العلاقة بين السبب الأول والنتيجة؛ لأنه قد وجد سبب آخر أضيفت النتيجة إليه؛ وهو إرادة الشخص إهلاك نفسه، وإذا انقطعت هذه العلاقة لا يضاف القتل إلى السبب؛ ولكن يضاف إلى المباشر.
ومثل ذلك ما قاله الزيدية١:"يجب القود على من فعل سبب القتل" ولم يوجد من يتعلق به إلا المسبب، وهو المعري لغيره مما يقيه الحر أو البرد من الثياب ونحوها، والحابس له ولم يمكنه التخلص حتى مات جوعا أو عطشا أو بردا أو حرا فإنه يقاد به؛ لأنه قاتل عمدا عدوانا، وإن لم يكن القتل بفعله.
ومثله من سرق طعام غيره أو ماءه أو مركوبه "دابته" في مفازة وليس معه سواه حتى مات قتل به؛ لأنه قاتل عمدا، فإن قولهم:"يجب القود على من فعل سبب القتل ولم يوجد من يتعلق به إلا المسبب" واضح تمام الوضوح في أنه لا بد من استمرار اتصال سبب القتل بالنتيجة وهي القتل؛ أي: ألا يتخلل بين السبب والمسبب ما يقطع هذه العلاقة بحيث يضاف القتل إليه، فإن وجد ما يقطع هذه العلاقة -أي وجد سبب جديد يضاف إليه القتل- لا يكون فاعل السبب الأول قاتلا عمدا.
ويشترط أن يكون السبب الجديد مما يصح إضافة القتل إليه، فلو لم