للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩- اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات ولا يمكن رسمه في الخطِّ محتملًا لها, يكتب في نسخة برسم يوافق بعض الوجوه، وفي نسخة أخرى برسم يوافق الوجه الآخر.

كقوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} .

فإنها تكتب في نسخة أخرى، "وأوصى" بالهمز لأنهما قراءتان.

ومثل قوله تعالى في سورة التوبة: {لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَار} .

فإنها تكتب في نسخة أخرى "تجري من تحتها الأنهار" بزيادة "من" لأنهما قراءتان.

وتحاشَوْا أن يكتبوا الرسمين في مصحف واحد، أحدهما في الأصل، والآخر في الحاشية, لئلَّا يتوهم أن الثاني تصحيح للأول، أو أن الأول أصل، والثاني فرع محتمل، فتضعف قراءة أحد اللفظين عن الآخر بدون مرجع"١.

وعلى هذه الأسس القيمة نَسَخَ زيدٌ ومن معه القرآن من المصحف الذي كان عند حفصة -رضي الله عنها- نسخًا دقيقًا, بلغ الغاية في التحري والضبط، ورعاية الوجوه الصحيحة التي صحَّ سندها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

وكان هذا النسخ موضع الرضا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم، قرَّت به أعينهم، وطابت به نفوسهم؛ إذا آمنوا بذلك على كتاب ربهم ووحدة أمتهم.

وهو لعمري من أجلِّ الأعمال التي قام بها عثمان -رضي الله عنه، وإنه لا يقلّ قدرًا عن الفتوحات الإسلامية التي حدثت في عهده؛ فحماية كتاب الله تعالى وصيانته من التحريف والتبديل لا تنزل بحال عن حماية الأعراض والحرمات ونشر الإسلام هنا وهناك.


١ اللآلئ الحسان ص٥٨، ٥٩.

<<  <   >  >>