والشاهد- كما ذكر المصنف- أن الأُمَّة وَسَط في الأُمَم.
فهذه الأمة قد اختارها الله عز وجل؛ قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ باللهِ}[آل عمران: ١١٠].
وجعلها أمة وسطًا، قال جل وعلا:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[آل عمران: ١٤٣]، وبالتالي توسطوا فما فعلوا كاليهود ولا فعلوا كالنصارى، لذلك قال الله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: ٦، ٧]؛ فالمغضوب عليهم هم اليهود، والضَّالُّون هم النَّصارى.
قال ابن القيم رحمه الله:«فَذكر الْهِدَايَة وَالنعْمَة وهما الْهدى والفلاح، ثمَّ قَالَ:{غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين}، فَذكر المغضوب عَلَيْهِم وهم أهل الشَّقَاء، والضَّالِّين وهم أهل الضلال، وكل من الطَّائِفَتَيْنِ لَهُ الضلال والشقاء، لَكِن ذكر الوصفين مَعًا لتكن الدّلَالَة على كلٍّ مِنْهُمَا بِصَرِيح لَفظه، وأيضًا فَإِنَّهُ ذكر ماهو أظهر الوصفين فِي كل طَائِفَة، فَإِنْ الْغَضَب على الْيَهُود أظهر لعنادهم الْحق بعد معرفته، والضلال فِي النَّصَارَى أظهر لغَلَبَة الْجَهْل فيهم»(١).
وهذا معلوم لمن تتبع حال اليهود والنصارى وحال الأمة، يجد البون شاسعًا بينها.
فأمة الإسلام هي أمة وسط بين الأمم.
فهم وسط بما يتعلق بالإيمان بالله عز وجل، وبما يتعلق بالأنبياء، وبما يتعلق بالشرائع.