للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلف: إنه معهم بعلمه. وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته، وكذلك في قوله: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} إلى قوله: {هو معهم أين ما كانوا} الآية، ولما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لصاحبه في الغار: «لا تحزن إن الله معنا» كان هذا- أيضا- حقًّا على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد (١).

فليس المراد مصاحبة اختلاط، إذ لفظ (المعية) قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع يقتضي في كل موضع أمورًا لا يقتضيها في الموضع الآخر؛ فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها - وإن امتاز كل موضع بخاصية - فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال: قد صرفت عن ظاهرها (٢).

قال الشيخ الأمين الشنقيطي: «قوله تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}، ذكر- جل وعلا- في هذه الآية الكريمة: أنه مع عباده المتقين المحسنين، وهذه المعية بعباده المؤمنين، وهي بالإعانة والنصر والتوفيق. وكرر هذا المعنى في مواضع أخر; كقوله: {إنني معكما أسمع وأرى}، وقوله: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم}، وقوله: {لا تحزن إن الله معنا}، وقوله: {قال كلا إن معي ربي سيهدين}، إلى غير ذلك من الآيات.

وأما المعية العامة لجميع الخلق فهي بالإحاطة التامة والعلم،


(١) انظر: «الفتوى الحموية» (ص ٥٢١، ٥٢٢).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٥/ ١٠٤).

<<  <   >  >>