ونفوذ القدرة، وكون الجميع في قبضته- جل وعلا- فالكائنات في يده - جل وعلا - أصغر من حبة خردل، وهذه هي المذكورة- أيضًا- في آيات كثيرة; كقوله:{ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم} الآية، وقوله:{وهو معكم أين ما} الآية، وقوله:{فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين}، وقوله:{وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
فهو- جل وعلا- مستو على عرشه كما قال، على الكيفية اللائقة بكماله وجلاله، وهو محيط بخلقه، كلهم في قبضة يده، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين» (١).
وهنا مسألة ينبغي التنبه لها، وهي أن أهل السنة إذا تعاملوا مع النصوص التي أُضيفت لله تعالى، فإنهم يتعاملون معها بموجب ما دل عليه السياق، فلا يُقال لأهل السنة هنا: قد وقعتم في التأويل؛ لأن الآية قد لا تكون متعلقة بهذه الصفة التي قد يفهمها البعض منها، وإنما تكون متعلقة بصفة أخرى؛ فمثلًا قوله تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}، فالأيد هنا ليس جمع يد، وإنما جمع آد، والآد: هو القوة، كما في قوله تعالى:{واذكر عبدنا داود ذا الأيد}، فهل كان لداود عليه السلام عدة أياد، أو المعنى: أنه صاحب القُوى.