عائشة -رضي الله عنه- ا- على الرؤية البصرية؛ لأنه- من خلال التَّتبع- لم يَرِد عن أحد منهم أنه قال: رآه بعينه، وعليه فلا تعارض بين هذه النصوص.
رابعًا: رؤية الله- عز وجل- في الآخرة:
وأما في الآخرة فهي جائزة عقلًا وواقعة شرعًا، ولا يَرِد على هذا قوله تعالى:{لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ}[الأنعام: ١٠٣]، فقد استدل به المعتزلة على نفي الرؤية مطلقًا، مع أن المراد بالآية ليس نفي الرؤية، وإنما المراد نفي الإدراك؛ لأنها سِيقت مساق المدح، ولو كان المراد نفي الرؤية لما كان في ذلك مدح؛ لأن المعدوم هو الذي لا يُرَى، والكمال في إثبات الرؤية هو نفي الإدراك؛ لأن النفي المحض لا يأتي في صفات الله، وإنما الذي يأتي هو النفي الذي يستلزم إثبات ضده من الكمال.
فالمعنى: أنه يُرى ولا يحاط به رؤيةً، فـ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}؛ لكمال عظمته، كما أنه يُعلم ولا يُحاط به علمًا لكمال عظمته، و {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}؛ لكمال قوته واقتداره، وهكذا.
وقد ورد عن بعض السلف أن الآية تفيد نفي الرؤية في الدنيا، فروى ابن كثير عن إسماعيل بن علية في قول الله تعالى:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} أنه قال: «هذا في الدنيا».
وقد ذهب الآخرون إلى أن هذا النفي العام لرؤية جميع الأبصار له سبحانه وتعالى مُخَصَّصٌ بما ثبت من رؤية المؤمنين له جل وعلا في الآخرة (١).