للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالأبصارِ عِيَانًا، كَمَا يُرى القَمَرُ ليلةَ البدرِ صَحْوًا، وَكَمَا تُرى الشَّمسُ في الظَّهيرة، فَإِنْ كَانَ مَا أَخبَرَ به اللهُ وَرَسُوله عنه من ذلك حَقِيقَةً- وإنَّ له والله حقَّ الحقيقة- فَلَا يُمكِنُ أن يَروهُ إِلَّا مِنْ فَوقِهم؛ لاستِحَالَةِ أَنْ يَروهُ أسفل منهم، أو مِنْ خلفهم، أَوْ أمامهم، وَنَحو ذَلِكَ … ، فلَا يَجتَمِعُ فِي قَلبِ العبد بعد الاطلاع عَلَى هَذِهِ الأَحَادِيث وَفَهِمَ مَعنَاهَا إنكارُها والشهادةُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَبَدًا» (١).

أ- رؤية المؤمنين لربِّهم جل وعلا:

بَيَّن المصنفُ رحمه الله هنا أنه قَدْ دَخَلَ فِي الإيمانِ باللهِ وَكُتبِهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسلِهِ: الإيمانُ بِأَنَّ المُؤمِنِينَ يرونَهُ سبحانه وتعالى يومَ القيامةِ؛ فَمَنِ لَم يُؤمن بِأَنَّهُ- سبحانه- يُرَى يومَ القيامةِ فَقَد رَدَّ أَدِلَّةَ الكتابِ والسُّنَّةِ، وَخَالَفَ مَا عَلَيهِ سَلفُ الأُمَّةِ وَأَئِمَّتها، وَلَم يُؤمن بِاللهِ وَمَلائكتِهِ وكتبِهِ وَرسلِهِ.

فالله سبحانه وتعالى سيخص المؤمنين بمزيد من الإنعام يوم القيامة، وهو رؤيته جل وعلا، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن ناسًا قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله: «هَلْ تُضَارُّون في رؤية القمر ليلة البدر؟». قالوا: لا يا رسول الله. قال: «هل تُضارون في الشَّمس ليس دونها سحاب؟». قالوا: لا. قال: «فإنَّكم ترونه كذلك … »، الحديث (٢).

وسيخصهم في الجنة بأعظم نعمة أنعم عليهم بها؛ ألا وهي تشريفهم وإكرامهم بالنظر إلى وجهه الكريم في جنة عدن، كما قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [القيامة: ٢٢، ٢٣].


(١) «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» (ص ٣٤٢).
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٨٨) ومسلم (٢٦٧).

<<  <   >  >>