للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الجنة وفريق في السعير.

وقد اتَّفَقَت جَمِيعُ الشَّرائع السَّمَاويَّةِ على الإيمان باليوم الآخر؛ قَالَ الله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢].

وهذا مما يؤيده العَقلُ السَّليمُ والفِطرَةُ السَّويةُ؛ إذ ما خلق الله هذا الخلق عبثًا، وهو سبحانه وتعالى لن يتركهم هملًا بلا حساب على ما اقترفوه في هذا الحياة، بل من مقتضى عدله جل وعلا أن يجمع الأَوَّلين والآخرين للحساب والعرض، والقصاص من الظالم للمظلوم؛ قال جل جلاله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: ١١٥، ١١٦]، وقال جل وعلا: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الانبياء: ٤٧].

وقد دلَّ على سؤال القبر وما يكون فيه من نَعيم أو عذاب- بعض الآيات والسُّنَّة المُتواترة وكذلك إجماع أهل السُّنَّة والجَمَاعَة.

أمَّا دلالة القرآن؛ فمنها: قوله تعالى في قصة آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦].

قال الحافظ ابن كثير: «وهذه الآية أصلٌ كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور» (١).


(١) «تفسير ابن كثير» (٧/ ١٤٦).

<<  <   >  >>