للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال العلامة الفوزان: «هذا في البرزخ قبل الآخرة؛ يُعرضون على النَّار صباحًا ومساء إلى أن تقوم الساعة، وهذا دليلٌ على عذاب القبر، والعياذ بالله، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] هذه ثلاثة عقوبات:

الأولى: أنَّ الله أغرقهم ومحاهم عن آخرهم في لحظة واحدة.

الثاني: أنَّهم يُعَذَّبون في البرزخ إلى أن تقوم الساعة.

الثَّالثة: أنهم إذا بعثوا يوم القيامة يدخلون أشد العذاب، والعياذ بالله» (١).

ومنها: قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: ١٠١].

قال ابنُ تيمِيَّة: «قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ العُلَمَاءِ: المَرَّةُ الأُولَى فِي الدُّنْيَا، وَالثَّانِيَةُ فِي البَرْزَخِ، {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} فِي الآخِرَةِ» (٢).

ومنها: وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}.

وهذا خطابٌ لهم عند الَموت، وقد أخبر الملائكة- وهم الصادقون- أنَّهم حينئذ يُجزون عذاب الهون، ولو تأخَّر عنهم ذلك إلى انقضاء الدنيا؛ لما صَحَّ أن يقال لهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ}؛ فدل على أنَّ المراد به عذاب القبر (٣).

وأمَّا السُّنَّة: فإنها متواترةٌ في ذلك، كما قال الحافظُ ابنُ رَجَب -رحمه الله-: «وقد تَوَاتَرَت الأحاديثُ في عذاب القبر» (٤).


(١) «شرح الأصول الثلاثة» (ص ٥١)، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، ١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م.
(٢) «مجموع الفتاوى» (٤/ ٢٦٦).
(٣) انظر: «الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد» صالح الفوزان (ص ٢٧٥)، دار ابن الجوزي، الطبعة الرابعة، ١٤٢٠ هـ- ١٩٩٩ م.
(٤) «أهوال القبور» (ص ٤٣).

<<  <   >  >>