للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّوَابِ يَعجزُ، وَيَقولُ: «لَا أدري سَمِعتُ النَّاسَ يقولونَ شَيئًا فقلتُهُ».

إِذًا؛ إيمانُه قولٌ فَقَط» (١).

وقولُ شيخِ الإسلامِ -رحمه الله-: «فَيُضرِبُ بِمرزَبَّةٍ مِنْ حديدٍ؛ فيصيحَ صحيةً يسمعهَا كُلُّ شيءٍ إِلَّا الإنسان، وَلَو سَمِعَها لصعقَ» - يُشير إلى حديث أنس -رضي الله عنه-، وفيه: «وأمَّا المُنافق والكافر فيُقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنتُ أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، ويُضرب بمطارقَ من حديد ضربةً؛ فيَصِيحُ صَيحةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيرَ الثَّقَلينِ» (٢)، والثَّقلان: هُمْ الإنسُ والجنُّ.

قالَ ابنُ عُثَيمين -رحمه الله-: «فيُضرب»: يَعني الذِي لم يُجِب، سواء كانَ الكافرَ أو المنافقَ، والضارب لَهُ المَلَكَانِ اللذانِ يَسألانِهِ.

والمرزبَّةُ: هِيَ مِطرقةٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بعضِ الرواياتِ: أَنَّهُ لَوِ اجتَمَعَ عَلَيهَا أَهلُ مِنى مَا أَقَلُّوها، فَإِذَا ضُرِب يَصيح صيحةً يَسمعها كلُّ شيء إلا الإنسان، أي: صِياحًا مَسموعًا يَسمعه كلُّ شيء يكون حوله مِمَّا يسمع صوته، وليس كلُّ شيء في أقطار الدُّنيا يَسمعه، وأحيانًا يتأثر به ما يسمعه كما مَرَّ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِأَقْبُر للمُشركين على بَغْلَتِه، فَحَادت به حتى كادت تُلقيه؛ لأنَّها سَمِعت أصواتَهم يُعَذَّبون.

قوله: «إلا الإنسان»، وقد سبق أنَّ في الحديث إلا الثَّقلين. يعني: أنه لا يَسمع هذا الصِّياح، وذلك لحكمٍ عظيمة منها:

أولًا: ما أشار إليه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ القَبْرِ» (٣).


(١) انظر: «شرح الواسطِيَّة» (ص ٤٨٠ - ٤٨٢).
(٢) أخرجه البخاري (١٣٧٤) من حديث أنس ?.
(٣) أخرجه مسلم (٢٨٦٨) من حديث أنس ?.

<<  <   >  >>