للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل مُؤمنُ آلِ فِرعون كان يَعلم المَعاد، وإنَّما آمَنَ بموسى؛ قال تَعَالى: حكاية عنه: {وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [غافر: ٣٣]، إلى قوله تعالى: {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: ٣٩]، إلى قوله: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦].

وقال موسى: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٦].

وقد أخبر في قِصَّة البقرة: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: ٧٣].

وقد أخبرَ اللهُ أنَّه أرسلَ الرُّسل مُبَشِّرين ومُنذرين في آياتٍ مِنْ القُرآن، وأَخْبَر عن أهلِ النَّار أنَّهم إذا قال لهم خزنَتُها: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: ٧١].

وهذا اعترافٌ من أصناف الكفار الدَّاخلين جَهَنَّم: أنَّ الرسلَ أَنْذَرَتْهم لِقاء يومهم هذا.

فجميعُ الرُّسلِ أَنذروا بما أَنْذَر به خَاتَمُهم من عقوبات المُذنبين في الدُّنيا والآخرة، فَعَامَّةُ سُور القرآن التي فيها ذِكر الوعد والوعيد يذكر ذلك فيها في الدُّنيا والآخرة، وأَمَرَ نَبِيَّه أن يُقسم به على المعاد فقال: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ} [سبأ: ٣]، الآيات، وقال تَعَالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس: ٥٣]، وقال تَعَالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن: ٧]، وأخبر عن اقترابها فقال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١]،

<<  <   >  >>