للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلُّ نفسٍ في جَسدها» (١)، أي: دخلت كلُّ رُوح في جسدها.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كلُّ ابن آدم تأكله الأرض، إلا عَجْبَ الذَّنَب (٢) منه يَنبت، ويرسل الله ماء الحياة، فينبتون فيه نبات الخَضِر، حتى إذا أخرجت الأجساد أرسلَ اللهُ الأرواح، وكان كلُّ روح أسرع إلى صاحبه من الطَّرف، ثم يُنفخ في الصور فإذا هم قيام يَنظرون» (٣).

قال ابن القيم رحمه الله: «تَنبت أجسادهم في القبور، فإذا نفخ في الصُّور رَجعت كلُّ روح إلى جسدها فدخلت فيه، فانشقَّت الأرض عنه فقام مِنْ قبره، وفي حديث الصُّور أنَّ إسرافيل عليه السلام يدعو الأرواح فتأتيه جميعًا؛ أرواح المسلمين نورًا، والأخرى مظلمة؛ فيجمعها جميعًا، فيعلقها في الصور، ثم ينفخ فيه فيقول الرب جل جلاله: «وعِزَّتي ليَرجعن كلُّ رُوح إلى جسده، فتخرج الأرواح من الصور مثل النَّحل قد ملأت ما بين السَّماء والأرض فيأتي كلُّ رُوح إلى جسده فيدخل، ويأمر الله الأرض فتَنشق عنهم فيخرجون سراعًا إلى ربهم يَنسلون، مُهطعين إلى الدَّاعي، يسمعون المنادي من مكان قريب، فإذا هم قيام ينظرون، وهذا معلوم بالضرورة أنَّ الرسول أخبر به، وأنَّ الله سبحانه لا يُنشئ لهم أرواحًا غير أرواحهم التي كانت في الدنيا، بل هي الأرواح التي اكتسبت الخير والشر، أنشأ أبدانها


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (٦/ ٤٢٤) (٢٧٤٢٧)، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٦٧٩).
(٢) هو العظم اللطيف الذي في أسفل الصُّلب، وهو رأس العُصعص، ويقال له: (عَجْمُ) بالميم، وهو أولُ ما يُخلق من الآدمي، وهو الذي يَبقى منه؛ ليُعاد تركيب الخلق عليه. «شرح النووي على مسلم» (٩/ ٣٤٣).
(٣) أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢/ ٤٣٢) (٨٩١)، وقال الألباني في «ظلال الجنة» (٨٩١): «إسناده جيد».

<<  <   >  >>