للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوعه» (١).

فالناس سيردون جهنم؛ لأنَّ الصراط مَنصوب على مَتْنِها.

وتختلف أحوال الناس في المرور عليه، كما جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَرِدُ الناس النَّارَ، ثم يَصدرون عنها بأعمالهم؛ فأولهم كلمح البَرق، ثم كالرِّيح، ثم كحُضْر الفرس (٢)، ثم كالرَّاكب في رَحْلِه، ثم كَشَدِّ الرَّجل ثم كمَشيه» (٣).

وقد جاء في وصفه أنه: صراطٌ دقيق جدًّا، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: «بَلغني أنَّ الجسر أدق من الشعرة، وأحَدُّ من السيف» (٤).

والصِّراط مِنْ عرصات وأهوال يوم القيامة، وأول مَنْ يجوز عليه: النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأمته؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: « … ويُضْرَبُ الصِّراط بين ظَهْري جَهَنَّم فأكونُ أنا وأُمَّتي أَوَّل مَنْ يُجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلَّا الرُّسل، ودَعوى الرُّسل يَومئذ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وفي جهنم كلاليب مِثل شَوْك السَّعدان؛ هل رأيتم السَّعدان؟»، قالوا: نَعم يا رسول الله. قال: «فإنَّها مِثل شَوك السَّعدان غَير أنَّه لا يَعلم قَدْرَ عِظَمِها إلَّا الله -عز وجل-، تَخطف النَّاسَ بأعمالهم، فمَنهم المُوبق بعملِه، والمُوثق بعمله، ومنهم المُخَرْدَل والمُجَازَى» (٥).

قال الإمامُ القرطبيُّ -رحمه الله-: «فَتَفَكَّر الآن فيما يَحِلُّ بك من الفَزع


(١) «تفسير السعدي» (٥٨٠).
(٢) أي: جريه، وهو العَدْوُ الشَّديد.
(٣) أخرجه الترمذي (٣١٥٩)، والدارمي (٢٨٥٢)، وقال: «حديث حسن»، وصححه الألباني في «صحيح الترمذي» (٢٥٢٦).
(٤) أخرجه مسلم (١٨٣).
(٥) أخرجه البخاري (٧٤٣٧) ومسلم (١٨٢).

<<  <   >  >>