فيعتذر عن الشفاعة لهم، ثم يأتون لنوح، ثم لإبراهيم، ثم لموسى، ثم لعِيسى ابن مريم، وكل واحد منهم يعتذر، ويدلهم عيسى عليه السَّلام على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيأتونه -صلى الله عليه وسلم-؛ فيَشفع لهم حتى يُقضى بينهم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَجمع اللهُ النَّاسَ الأولين والآخرين في صَعيد واحدٍ يُسمعهم الدَّاعي وينفذهم البصر، وتَدنو منهم الشمسُ؛ فيَبلغ النَّاس من الغَمِّ والكرب ما لا يُطيقون ولا يَحتملون؛ فيقول النَّاس: أَلَا تَرَوْن ما قد بَلَغَكم؟ ألا تَنظرون مَنْ يشفعُ لكم إلى ربِّكم؟ فيقول بعضُهم لبعض: عليكم بآدم! فيَأتونه، فيقولون له: أنت أبو البَشر، خَلَقَك اللهُ بيدِه، ونفخ فيكَ مِنْ رُوحه، وأَمَر المَلائكة فَسجدوا لك، أَلَا تَرى ما نحن فيه؟ فيقول: إنَّ رَبِّي قد غَضِب اليوم غضبًا لم يَغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنَّه نهاني عن الشجرة فَعَصَيْتُه، نفسي، نفسي، نفسي! اذهبوا إلى نُوح. فيَأتون نوحًا فيقولون: يا نوحُ، إنَّك أَوَّلُ رسولٍ إلى أهل الأرض، فقد سَمَّاك اللهُ عبدًا شكورا؛ اشفع لنا إلى ربِّك، أَلَا تَرى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غَضَب الله، وإنَّه قد كانت لي دعوة دعوتُها على قومي؛ اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبيُّ الله وخليلُه من أهل الأرض؛ اشفع لنا إلى ربك، أَلَا ترى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإني قد كَذبت ثلاث كذبات؛ اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى، أنت رسولُ الله، فَضَّلَك الله برسالتِه وبكلامِه على النَّاس؛ اشفع لنا إلى ربك، أَلَا ترى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإني قد قتلتُ نَفْسًا لم أُومر بقتلِها؛ اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى، أنت رسولُ الله وكلمتُه إلى مريم ورُوح منه، وكَلَّمت النَّاس في المَهد صبيًّا؛ اشفع لنا إلى