للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ربِّك، أَلَا ترى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، ولم يذكر ذنبًا، وكلهم يقولون كما قال آدم: نفسي، نفسي، نفسي! اذهبوا إلى محمَّد. فيأتون محمَّدًا -صلى الله عليه وسلم-، فيقولون: يا محمَّد، أنتَ رسولُ الله وخاتم الأنبياء، وقد غَفَر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؛ اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فأنطلقُ، فآتِي تحتَ العَرش، فأقعُ ساجدًا لربِّي -عز وجل-، ثُمَّ يَفتح اللهُ عليَّ مِنْ مَحامده وحُسن الثناء عليه شيئًا لم يَفتحه على أحدٍ قَبلي، ثم يقال: يا محمَّد، ارْفَع رأسَك، سَلْ تُعْطَه، واشفع تُشَفَّع … »، الحديث (١).

وأمَّا الشفاعة الثانية؛ فيَشفع في أهل الجَنَّة أن يدخلوا الجنة.

وقد تقدم قريبًا الكلامُ على هذا النَّوع من شفاعته -صلى الله عليه وسلم-.

وهاتان الشَّفاعتان خَاصَّتان له.

وله -صلى الله عليه وسلم- كذلك من الشَّفاعات الخاصَّة به: شفاعته في تخفيف العذاب عن عَمِّه أبي طالب، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أنَّه سَمع النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر عنده عمه- فقال: «لعَلَّه تَنفعه شَفاعتي يوم القيامة، فيُجعل في ضَحضاح من النَّار يَبلغ كعبيه، يَغلي منه دماغه» (٢).

وأمَّا الشَّفاعة الثالثة فغير مُختصة به -صلى الله عليه وسلم-؛ بل له ولسائر النَّبيين والصِّدِّيقين وغيرهم؛ فيَشفع فِيمن استحقَّ النَّار أن لا يَدخلها، ويَشفع فيمن دَخَلَها أن يخرج منها؛ فعن أنسٍ -رضي الله عنه-: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الكَبَائر مِنْ أُمَّتي» (٣).


(١) أخرجه البخاري (٤٧١٢) ومسلم (١٩٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٨٥) ومسلم (٢١٠).
(٣) أخرجه أبو داود (٤٧٣٩)، والترمذي (٢٤٣٥)، وصححه الألباني في «المشكاة» (٥٥٩٨).

<<  <   >  >>