للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: ٢٥٣]، وقال سبحانه: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: ٤٠]، وقال جل وعلا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١١٢]» (١).

وجاء في حديث حذيفة بن أسيد في شأن الجَنِين: «فَيَقضي ربُّك ما يشاءُ، ويَكتبُ المَلَكُ» (٢).

وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: «اشْفَعُوا تُؤجروا، ويَقضي الله على لسان نَبِيِّه ما يشاء» (٣).

أنواع الإرادة:

لله- جل وعلا- إرادتان: كونية قدرية، ودينية شرعية.

قال ابنُ القيم -رحمه الله-: «وهاهنا أمرٌ يَجب التَّنبيه عليه، وبمعرفته تزول إشكالات كثيرة تَعرض لمن لم يُحِط به عِلْمًا، وهو أن الله- سبحانه- له الخلقُ والأمرُ، وأمرُه- سبحانه- نوعان: أمر كَوني قَدَرِي، وأمر دِيني شَرعي.

فمشيئته- سبحانه- مُتعلقة بخلقه وأمره الكوني، وكذلك تتعلق بما يحب وبما يكره، كله داخل تحت مشيئته، كما خلق إبليس وهو يُبغضه، وخَلَقَ الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له وهو يُبغضها، فمشيئته- سبحانه- شاملة لذلك كله.

وأمَّا محبته ورضاه فمُتعلقة بأمره الدِّيني وشَرعه الذي شَرَعَه


(١) انظر: «شفاء العليل» (ص ٩٣) بتصرف واختصار.
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٤٥).
(٣) أخرجه البخاري (١٤٣٢).

<<  <   >  >>