وأعمالهم؛ قال تَعَالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[الصافات: ٩٦].
ثم قال:«ومع ذلك فقد أَمَرَ العِباد بطاعته وطاعة رسوله، ونَهاهم عن مَعصيته، وهو- سبحانه- يُحِبُّ المُتَّقِين والمُحسنين والمُقسطين».
فلا تعارضَ بين ما أراده سبحانه وتعالى كونًا وقدرًا وبين ما أراده دينًا وشرعًا.
فما أراده سبحانه وتعالى كونًا وقدرًا قد يحبه ويرضاه وقد لا يحبه ولا يرضاه، وما أراده دينًا وشرعًا فهذا متعلق بمحبته؛ لأنه- سبحانه- أَمَرَ عبادَه بطاعته، ونَهاهم عن معصيته.
وعليه، فلا تَعارض بين تقديرِه للمعاصي وبُغضِه لها.
وليس لأحدٍ أن يَحْتَجَّ بالقدر على ارتكاب المنهيات وترك الأوامر.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وليس لأحدٍ أن يَحتج بالقَدَر على الذَّنب باتِّفاق المُسلمين وسائر أهل المِلل وسائر العُقلاء، فإنَّ هذا لو كان مقبولًا لأمكن كلُّ أحدٍ أن يفعل ما يَخطر له مِنْ قَتْل النُّفوس، وأَخْذ الأموال، وسائر أنواع الفساد في الأرض، ويَحتج بالقدر، ونَفْس المُحتج بالقَدَر إذا اعتُدي عليه، واحْتَجَّ بالقدر المُعتدي لم يَقبل منه، بل يَتناقض، وتناقض القول يَدُلُّ على فسادِه، فالاحتجاجُ بالقدر معلومُ الفَساد في بداءة العقول»(١).
وقال: «وأما القدر، فإنه لا يَحتج به أحدٌ إلا عند اتِّباع هَوَاه، فإذا فَعَلَ فِعْلًا مُحَرَّمًا بمجرد هواه وذوقه وَوَجْدِه من غير أن يكون له