للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علم بحسن الفعل ومصلحته استند إلى القَدَر، كما قال المشركون: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٤٨]، وقال تَعَالى: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٨ - ١٤٩].

فبين أنَّهم ليس عندهم علمٌ بما كانوا عليه من الدِّين، وإنما يتبعون الظنَّ».

إلى أن قال: «والعبدُ مَأمور أن يَصبر على المَقدور ويطيع المأمور، وإذا أذنب استغفر، كما قال تَعَالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: ٥٥]، وقال تَعَالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١].

قال طائفة من السَّلف: هو الرَّجل تُصِيبُه المُصيبة فيَعلم أنها من الله فَيَرْضَى ويُسَلِّم.

فَمَنْ احتجَّ بالقَدَر على ترك المأمور وجَزِع مِنْ حُصول ما يكرهه من المَقدور- فقد عَكَس الإيمان والدِّينَ، وصار من حِزب المُلحدين المنافقين، وهذا حالُ المُحتجين بالقَدَر» (١).

ثم قال المصنف: «وهذه الدرجةُ من القَدَر يُكَذِّب بها عامَّةُ القَدرية الَّذين سَمَّاهم النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مجوسَ هذه الأُمَّة».

أي: هذه الدَّرَجَةُ مِنَ القَدَر (درجةُ المَشِيئَةِ والخَلْق) - يُكَذِّبُ بها عَامَّةُ القَدَرِيَّة النُّفَاة الذين يقولون: إن العبد يخلق فِعْلَ نَفْسِه بدون مشيئةِ الله وإرادتِه.


(١) «مجموع الفتاوى» (٢/ ٣٢٤ - ٣٢٦).

<<  <   >  >>