للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام مالك رحمه الله: «أهل الذنوب مُؤمنون مُذنبون وقد سَمَّى الله تعالى العمل إيمانًا، وقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} يريد صلاتَكم إلى بيت المقدس» (١).

والوضوء يسمى إيمانًا؛ ففي الحديث: «الطُّهورُ شَطْرُ الإيمان» (٢)، أي: نصف الإيمان؛ لأنه نصف الصلاة.

وهكذا، فكل الطاعات تسمى إيمانًا.

والإيمانُ شُعَبٌ، كما سبق في الحديث، ومِن شُعب الإيمان ما لو زالت لزال الإيمان؛ فمثلًا (لا إله إلا الله) لو زالت لزال إيمان العبد.

وهناك شُعبة لو زالت لما زال الإيمان؛ كإماطة الأذى، فإن لم يفعل العبد ذلك ما زال إيمانُه، ولكن قد يكون هذا نقصًا في الإيمان، فعلى هذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «أدناها»، و «أعلاها»، فهي شُعَبٌ متفاوتة، وبقدر التزام العبد بتلك الطاعات يكون ذلك سببًا في زيادة إيمانه، والعكس بالعكس.

وفي المُقابل فالكفر شُعَبٌ، وكل المعاصي تسمى كفرًا، وإن كان هناك كفر دون كفر، إلا أن كل معصية فهي شُعبة من شعب الكفر.

فأهل السنة يَفترقون عن غيرهم بمسائل مهمة؛ ومنها: أن الإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

ومن الأدلة على زيادة الإيمان: قوله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: ٤]، وقوله جل وعلا: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: ١٧].


(١) «موطأ مالك» (١/ ٢٥٥ - الأعظمي).
(٢) أخرجه مسلم (٢٢٣).

<<  <   >  >>