ومن الأدلة على نُقصان الإيمان: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال:«خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: «يا معشر النساء تَصَدَّقن؛ فإني أُريتكن أكثر أهل النار». فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال:«تُكثرن اللعن، وتَكفرن العَشير، ما رأيتُ مِنْ ناقصات عقل ودين أذهبَ لِلُبِّ الرجل الحازم مِنْ إحداكن»، قلن: وما نُقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال:«أَليس شهادة المرأة مِثل نِصف شهادة الرجل». قلن: بلى، قال:«فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟». قلن: بلى، قال:«فذلك مِنْ نقصان دينها»(١).
فبَيَّن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن النقصان يقع في الدين (الإيمان)، كما يقع في العقل.
ثم أهلُ السنة يستثنون في الإيمان؛ لأن الإيمان هو فِعل كل الواجبات ولا يَدَّعي إنسان أنه قد فعل كلَّ الواجبات، فلا يُزَكِّي نفسه، فيصح إذًا الاستثناء في الإيمان لا على سبيل الشك، وإنما على سبيل عدم تزكية النفس، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله.
وكذلك يَرى أهلُ السنة أن العبد قد يجتمع فيه إيمان وكفر، وقد يجتمع فيه إيمان ونفاق، وإن كان هناك كفر دون كفر ونفاق دون نفاق.
فتجد الرجل يصلي ويصوم وقد يكذب ويسرق، فهذا إن دلَّ فإنما يدل على أنه قد يجتمع فيه الإيمان وشُعبة من شُعَب الكفر؛ لذا تراه على جملة من الطاعات وكذلك يكون متلبسًا بجملة من المعاصي، فيجتمع فيه الإيمان والكفر غير المخرج من الملة (أي:
(١) أخرجه البخاري (٣٠٤) واللفظ له، وأخرجه مسلم (٧٩) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.