ولذلك كان الصَّحابة يخشون على أنفسهم النفاق؛ فعمر -رضي الله عنه- يسأل حذيفة -رضي الله عنه- وهو أمين سِرِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَنْشُدُكَ اللهَ، هل سَمَّانِي لك رَسُولُ اللهِ. يعني في المنافقين! فيقول: لا، ولا أزَكِّي بعدك أحدًا»(١).
فالنفاق على نوعين: أكبر وأصغر.
فالأكبر: هو الكفر التام الذي يُبطنه صاحبه.
والأصغر بأن يكون في قلب صاحبه مادة إيمان ومادة كفر؛ وعلى حسب قُربه من أحدهما يُختم له به؛ نسأل الله العافية من الكفر والنفاق، ونسأله الوفاة على الإيمان!
ومسائل الأسماء والأحكام من أعظم المسائل وأخطرها على الإطلاق، لأنَّ أول فُرقة وفِتنة وقعت في هذه الأمة كانت بسبب سوء الفهم لهذه المسألة، فكفَّر الخوارجُ عليًّا ومعاوية -رضي الله عنه- ما، ثم حَكموا بكفر الحَكَمَين بعد التحكيم في دُومة الجندل، حتى وصل الأمر بهم إلى تكفير جُلِّ الصحابة، ثم صار الروافض على هذا النهج؛ فكَفَّروا كلَّ الصحابة إلا نَذر يسير، لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وقالوا بِرِدَّة الصحابة بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم لم يقولوا بوصية عليٍّ، أي: أحقيته في الخلافة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهكذا جاء القدرية والمعتزلة فسَلَبوا عن أصحاب الكبائر مُسَمَّى الإيمان، وقالوا: إنهم في منزلة بين المنزلتين، وحَكموا عليهم في الآخرة- كما حكم الخوارج- بالخلود في النار.
(١) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «مصنفه» (٧/ ٤٨١)، والخَلَّال في «السُّنَّة» (١٣١٤).