للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهادتهم» (١).

وانظر إلى هذه الجرأة والوقاحة؛ قال معاذ العنبري: سمعت عمرو بنَ عبيد يقول- وذكر حديث الصادق المصدوق-: «لو سمعتُ الأعمش يقول هذا لكذَّبْتُه، ولو سمعت زيدَ بن وهب يقول هذا ما أجبتُه، ولو سمعتُ عبد الله بنَ مسعود يقول هذا ما قَبِلْتُه، ولو سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول هذا لرددتُه، ولو سمعتُ الله تعالى يقول هذا لقلتُ له: ليس على هذا أخذت ميثاقَنا» (٢).

على أنه ليس مقصود هؤلاء في هذا العصر الحاضر إسقاط شخص العالِم؛ لأنهم ما تركوا عالمًا، وإنما المقصود إبعاد الشباب عن العلماء؛ حتى يستطيعوا أن يُسمموا أفكار الشباب، وإلا فما الذي نقموه على العلماء الذين هم بين الناس في المساجد والطرقات والأسواق؟

وما الذي نقموه على كبار العلماء مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين؟!

فعلى الشباب أن يلزموا غرز العلماء؛ لأنهم ورثة الأنبياء، وقد أمر الله الأمة بالرجوع إليهم في النوازل فقال: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣]، وأمر بسؤالهم عند الجهل فقال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

فالعالِم قد أفنى زهرة عمره في الطلب والتحصيل، وهو حريص على تبليغ العلم وهداية الخلق، وفي يده مفاتيح العلوم ولن يُحرم


(١) «ميزان الاعتدال» للذهبي (٣/ ٢٧٥).
(٢) «تاريخ بغداد» (١٢/ ١٧٠) للخطيب البغدادي، و «ميزان الاعتدال» (٣/ ٢٧٨) للذهبي.

<<  <   >  >>