ولا درهمًا، وَرَّثوا العلم؛ فمَن أَخَذَه أَخَذَ بحظٍّ وافرٍ» (١).
وأمَّا أهل الباطل فديدنهم بُغض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وبُغض حملة شريعته؛ لأنهم مخالفون لهم، وهم مُبغضون ناقمون على مخالفيهم حتى ولو كانوا في ذات فِرقتهم؛ فقد يحكمون بكفرهم وتبديعهم وتفسيقهم؛ إذا خالفوا نهجهم ولو يسيرًا.
أمَّا أهل السنة فقلوبهم تلهج- دائمًا- بالثناء والترضي على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، «ويَقْبَلُونَ ما جاء به الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ من فضائلِهِم ومَرَاتِبِهِم».
ومن ذلك ما جاء في قول الله عز وجل:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: ٢٩].
وقوله جل وعلا:{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ -رضي الله عنه- مْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، فقد أخبر الله- تعالى- في هذه الآية أنه رضي عن هؤلاء رضًا مطلقًا، ورَضي عمن بعدهم رضًا مقيدًا، وهو شرط اتباعهم بإحسان؛ قال الإمام ابن كثير رحمه الله: «فقد أخبر اللهُ العظيم أنَّه قد رضي عن السَّابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فيا ويل مَنْ أبغضهم أو سَبَّهم أو أبغض- أو سَبَّ- بَعضهم، ولا
(١) أخرجه أبو داود (٣٦٤١) والترمذي (٢٦٨٢)، وحسنه الألباني في «المشكاة» (٢١٢).