للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالله جل وعلا قد اختار هؤلاء الصفوة لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، واختارهم لإقامة دينه؛ فحفظوا لنا القرآن وحفظوا سنة النبي عليه الصلاة والسَّلام، وما انحسروا في المدينة، وإنما جاهدوا في سبيل نشر هذا الدِّين في ربوع الأرض، وانطلقوا يُبَلِّغون دين الله، وقد بلغ الإسلام في عهدهم مبلغًا عظيمًا، حتى إن بعضهم تُوفي عند أسوار القسطنطينية؛ كأبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-، مع أنها لم تفتح إلا في زمن العثمانيين.

فالصحابة فازوا بخيرية الصحبة، فكان لهم السبق في الإيمان والفضل وجلالة القَدْر، وحمل ميراث النبوة وتبليغه، والجهاد في سبيله؛ فكانوا فرسانًا بالنهار رهبانًا بالليل.

ولذلك أهل السنة- والحمد لله- قلوبهم سليمة دائمًا من الغل أو الحقد والحسد تِجاه الصَّحب والآل؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد زكَّى المهاجرين والأنصار ومَن جاءوا بعدهم مُستغفرين لهم؛ فقال جل وعلا: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠].

وكذلك قلوب أهل السنة نقية تجاه حَمَلة ميراث النبوة من العلماء الصَّادقين والدُّعاة المخلصين والمقتفين للآثار النبي الأمين -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «العلماء ورثة الأنبياء، وإنَّ الأنبياء لم يُورثوا دينارًا

<<  <   >  >>