للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقل بما قالوا، وكُفَّ عما كفوا عنه، واسلك سبيلَ سلفك الصالح، فإنَّه يَسعك ما وَسِعهم» (١).

وقيل لأبي حنيفة رحمه الله: ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؟ قال: «مقالات الفلاسفة، عليكَ بالأثر وطريقة السلف، وإيَّاك وكلَّ محدثة؛ فإنَّها بِدعة» (٢).

وكما قال الناظم:

وكلُّ خير في اتباع مَنْ سلف … وكل شَرٍّ في ابتداع مَنْ خلف

وقال الشافعي رحمه الله:

كلُّ العلوم سِوى القرآن مَشغلة … إلا الحديث وإلا الفقه فِي الدِّين

العلم ما كان فيه قَالَ: حدثنا … وما سِوى ذاك وسواس الشياطين (٣)

وقد أمرنا الله باتباع هؤلاء السابقين فقال -عز وجل-: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ -رضي الله عنه- مْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: ١٠٠]، وحذَّرَ مِنْ مخالفتهم فقال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}؛ وقال عن الفرقة الناجية من الأمة بعد الاختلاف أنها: «مَنْ كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي» (٤).

فطريقة أهل السنة اتِّباع كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يصدرون في الاعتقاد والقول والعمل إلا عن فهم السلف.


(١) «الشريعة» للآجري (ص ٥٨).
(٢) «صون المنطق» للسيوطي (ص ٣٢٢).
(٣) «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (١/ ٢٩٧).
(٤) أخرجه أبو داود (٤٥٩٦)، (٤٥٩٧)، والترمذي (٢٦٤٠)، (٢٦٤١)، وأحمد (٢/ ٣٣٢)، (٣/ ١٢٠، ١٤٥)، (٤/ ١٢٠)، وابن ماجه (٣٩٩١)، (٣٩٩٣).

<<  <   >  >>