للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحُمَّى» (١)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: «المُؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضه بعضًا» (٢).

فيحققون هذا ويقومون به- بحمد الله- خير قيام.

وصاحب السنة في السراء شاكر لربه نعمه، وفي حال المصيبة صابر محتسب؛ فلا سخط ولا لطم للخدود ولا شق للجيوب، ولا دعاء بدعوى الجاهلية.

وليس هناك- بحمد الله- من نائحة تنوح عند جنائز أهل السنة، ولا يصحبها شيء من البدع، وإنما يُغَسِّلون موتاهم ويكفنونهم ويصلون عليهم كما جاءت بذلك السنة.

وكذلك ليس عندهم قبور تُشَيَّدُ، ولا سرادقات لعزاء تُقام، ولا اجتماع لأربعين، ولا لسنوية، ولا غير ذلك، وإنما يكتفى بما جاءت به السُّنَّة المشرفة.

فانظر إلى حال أهل السنة وحال أهل البدع؛ لتعرف نعمة الله على أهل السنة؛ فهم في السراء شاكرون، وفي الضرَّاء صابرون، ويتواصون ويتناصحون بأن لله يبتلي بالسراء والضراء؛ قال تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا} [الفجر: ١٥ - ١٧]، أي: ليس النعمة إكرامًا، وليس التقدير إهانة، وإنما الكلُّ ابتلاء، قال جل جلاله: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: ٢].

فصاحب السنة يعلم أنَّ ما هو فيه إنما هو ابتلاء؛ سواء كان رخاء أم شدة، وسواء كان غنى أم فقرًا، فنحن نشكر الله على نعمه،


(١) أخرجه البخاري (٦٠١١) ومسلم (٢٥٨٦)، من حديث النعمان بن بشير ?.
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٢٦) ومسلم (٢٥٨٥) من حديث أبي موسى الأشعري ?.

<<  <   >  >>