للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون من أهل الإحسان.

فإذا قلنا: إن العقيدة أمر يُعنى بالباطن، فالسؤال الذي يفرض نفسه ما هو الباطن؟

والجواب: أن الباطن هو مجموع أمرين: أمر الفكر والنَّظر. وأمر الإرادة والعمل.

ونحن لو تأملنا في عِدَّة نصوص من كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ لأرشدتنا إلى مفهوم هذا الباطن؛ وذلك كقول الله -عز وجل- في تزكيته لنبيه -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: {ما ضَلَّ صاحبكم وما غوى}؛ فقد زَكَّاه الله -سبحانه وتعالى- في جانبين، وكذا تزكية النبي -صلى الله عليه وسلم- للخلفاء من بعده؛ كقوله: «عَليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» (١).

قال الراغب الأصفهاني: «والرُّشد: خلاف الغَي، يستعمل استعمال الهداية؛ يقال: رَشَدَ يَرْشُدُ، ورَشِدَ يَرْشَدُ؛ قال: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: ١٨٦]، وقال: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ} [البقرة: ٢٥٦]، وقال تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦]، {وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} [الأنبياء: ٥١]، وبين الرُّشدين- أعني: الرُّشد المؤنس من اليتيم، والرُّشد الذي أوتي إبراهيم عليه السلام- بونٌ بعيدٌ» (٢).

وإذا ما جمعنا بين الآية والحديث نجد أن لكل لفظ ما يقابله؛ فالرشد ضد الغواية، والهدى ضده الضلال، فإذًا أخبر الله تعالى بكمال الهدى والرشد للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وزكى النبي -صلى الله عليه وسلم- الخلفاء وأخبر بأنهم راشدون مهديون.


(١) أخرجه الترمذي (٢٦٧٦)، وأبو داود (٤٦٠٧)، والدارمي (٩٦) من العرباض بن سارية ?، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٩٣٧).
(٢) «المفردات في غريب القرآن» (ص ٣٥٤).

<<  <   >  >>