كما قال تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} {الإسراء: ٨٥]؛ لذا وجب الوقوف على ما جاء في القرآن وصحَّ في السنة من أسماء الله وصفاته، وإثبات ذلك له- جل جلاله- على ما يليق بذاته.
وقول المصنف -رحمه الله-: «فإنه سبحانه أعلمُ بنفسه وبغيرِه، وأصدقُ قِيلًا، وأحسنُ حَدِيثًا مِنْ خَلْقِه» - بيان لعلة وجوب إثبات ما أثبته الله لنفسه من صفات الكمال ومنع قياسه بخلقه؛ لأنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، ولا ندَّ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
وقد بَيَّن العلَّامةُ ابنُ عُثيمين -رحمه الله- أنواع القياس، وأوضح فساد قياس الله بخلقه في نوعين منها، وجوازه في الثالث؛ فقال: «القياسُ ينقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: قياس شمولٍ، وقياس تمثيلٍ، وقياس أولويَّة.
فهو -سبحانه وتعالى- لا يُقاس بخلقه لا قياسَ تمثيلٍ ولا قياسَ شمولٍ:
١ - قياس الشمول: هو ما يُعرفُ بالعامِّ الشاملِ لجميع أفراده، بحيث يكون كلُّ فردٍ منه داخلًا في مسمَّى ذلك اللفظ ومعناه، فمثلًا إذا قلنا: الحياة؛ فإنه لا تقاس حياة الله بحياة الخلق؛ من أجل أن الكُلَّ يشمله اسمُ (حي).
٢ - وقياس التَّمْثِيل: هو أن يلحق الشيء بمثيله، فيجعل ما ثبت للخالق مثل ما ثبت للمخلوق.
٣ - وقياس الأَوْلَوِيَّة: هو أن يكون الفرعُ أولى بالحكم من الأصل؛ وهذا يقول العلماء: إنه مُسْتَعْمَلٌ في حق الله؛ لقوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}[النحل: ٦٠]، بمعنى: كل صفة كمال؛ فَلِلَّهِ تعالى أعلاها، والسمع والعلم والقدرة والحياة والحكمة وما أشبهها موجودة في المخلوق، لكن لله أعلاها وأكملها.
ولهذا- أحيانًا- نستدل بالدلالة العقلية من زاوية القياس