نقول: العلو صفة كمال في المخلوق، فإذا كانت صفةَ كمالٍ في المخلوق فهي في الخالق من باب أولى، وهذا- دائمًا- نجده في كلام العلماء.
فقول المؤلف -رحمه الله-: «ولا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ» بعد قوله: «لا سَمِيَّ ولا كُفْءَ له ولا نِدَّ لَهُ» يعني: القياس المقتضي للمساواة، وهو قياس الشُّمول، وقياس التَّمْثِيل.
إذًا؛ يمتنع القياس بين الله وبين الخلق للتباين بينهما، وإذا كنا في الأحكام لا نقيس الواجب على الجائز أو الجائز على الواجب، ففي باب الصفات بين الخالق والمخلوق من باب أولى.
لو قال لك قائل: الله موجود، والإنسان موجود، ووجود الله كوجود الإنسان بالقياس.
فنقول: لا يصح؛ لأن وجود الخالق واجب، ووجود الإنسان ممكن.
فلو قال: أَقِيسُ سَمْع الخالق على سمع المخلوق.
نقول: لا يمكن؛ سمع الخالق واجبٌ له، لا يعتريه نقصٌ، وهو شامل لكل شيء، وسمع الإنسان ممكنٌ؛ إذ يجوز أن يُولد الإنسانُ أَصَمَّ، والمولود سميعًا يلحقه نقص السمع، وسمعه محدود.
إذًا؛ لا يمكن أن يقاس الله بخلقه، فكل صفات الله لا يمكن أن تقاس بصفات خلقه؛ لظهور التباين العظيم بين الخالق والمخلوق» (١).