للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسالة جميعها، فهذا التوحيد هو أساس الهداية والإيمان، وهو أصل الدِّين الذي يقوم عليه، ولذلك فإنه لا يُتصور إيمان صحيح ممن لا يعرف ربَّه، فهذا العلم لازم لانعقاد أصل الإيمان، وهو مهم جدًّا للمؤمن لشدة حاجته إليه؛ لسلامة قلبه وصلاح معتقده واستقامة عمله.

فهذا العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله يُوجب للعبد التمييز بين الإيمان والكفر، والتوحيد والشرك والإقرار والتعطيل، وتنزيه الرب عما لا يليق به ووصفه بما هو أهله من الجلال والإكرام.

وذلك يتمُّ عن طريق تدبر كلام الله تعالى وما تعَرَّف به- سبحانه- إلى عباده على ألسنة رسله من أسمائه وصفاته وأفعاله؛ لذا سَبَّح نفسَه عمَّا وصفه به المُخَالِفون للرُّسل، وسَلَّم على المُرسلين؛ لسلامة ما قالوه من النَّقْص والعَيب؛ فقال جل وعلا: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢]؛

«والعلم بالله يُراد به في الأصل نوعان:

أحدهما: العلم به نفسه، أي بما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام وما دلت عليه أسماؤه الحسنى.

وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، فإنه لابد أن يَعلم أن الله يُثيب على طاعته، ويُعاقب على معصيته.

والنوع الثاني: يُراد بالعلم بالله: العلم بالأحكام الشرعية من الأوامر والنواهي والحلال والحرام» (١).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣/ ٣٣٣) بتصرف بسير.

<<  <   >  >>