للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه طريقة الرسل وأتباعهم من سلف الأمة وأئمتها: إثباتٌ مفصَّلٌ، ونفيٌ مجملٌ.

إثبات الكمال على وجه التفصيل ونفي النَّقص والتَّمْثِيل مُجملًا، كما ورد ذلك في سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ١ - ٢]، وهي تَعْدِل ثُلُث القرآن، كما ثبت ذلك في الحديث الصَّحيح.

فاسمه (الصَّمَدُ) يتضمَّنُ صفاتِ الكمالِ، كما روى الوالبيُّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أنه قال: «هو العليم الذي كَمُلَ في علمه، والقدير الذي كَمُلَ في قُدرته، والسيِّدُ الذي كَمُلَ في سُؤْدَدِهِ، والشريفُ الذي كَمُلَ في شَرَفِهِ، والعظيم الذي كَمُلَ في عظمته، والحليم الذي كَمُلَ في حلمه، والحكيم الذي كَمُلَ في حكمته، وهو الذي كَمُلَ في أنواع الشرف والسُّؤْدَدِ، هو الله -سبحانه وتعالى-، هذه صفته لا تنبغي إلا له».

و (الأحد) يتضمن نفي المِثْل عنه.

والتنزيه الذي يستحقه الرَّبُّ يَجمعه نوعان:

أحدهما: نَفْيُ النَّقْصِ عنه.

الثاني: نَفْيُ مماثلة شيء من الأشياء فيما يستحقه من صفات الكمال.

فإثباتُ صفات الكمال له مع نفي مماثلة غيره له يجمعُ ذلك، كما دلت عليه هذه السورة.

وأمَّا المخالفون لهم من المشركين والصَّابِئَةِ ومَن اتَّبَعَهُمْ من الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، فطريقتهم: نفيٌ مفصَّلٌ، وإثباتٌ مجمَلٌ.

ينفون صفات الكمال، ويثبتون ما لا يُوجد إلا في الخيال،

<<  <   >  >>