للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقولون: ليس بكذا ولا كذا، فمنهم من يقول: ليس له صفة ثبوتية، بل إمَّا سلبية، وإمَّا إضافية، وإمَّا مركبة منهما، كما يقوله من يقول من الصابئة والفلاسفة، كابن سينا وأمثاله، ويقول: هو وجود مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية عنه، ومنهم من يقول: وجود مطلق بشرط الإطلاق.

وقد قرَّروا في منطقهم ما هو معلوم في العقل الصريح: أن المطلق بشرط الإطلاق إنما وجوده في الأذهان لا في الأعيان، فلا يُتصور في الخارج حيوانٌ مطلق بشرط الإطلاق، ولا إنسانٌ مطلَق بشرط الإطلاق، ولا جسمٌ مطلق بشرط الإطلاق، فيبقى واجب الوجود ممتنع الوجود في الخارج، وهذا مع أنه تعطيلٌ وجهلٌ وكفرٌ، فهو جمعٌ بين النقيضين» (١).

وقد أشار العلامة السّعْدي رحمه الله إلى ضابط مهم في كلام شيخ الإسلام فقال: «وهذا الذي ذكره المصنف ضابطٌ نافعٌ في كيفية الإيمان بالله وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وأنه مبني على أصلين: أحدهما: النفي، وثانيهما: الإثبات.

أما النفي: فإنه ينفي عن الله ما يضاد الكمال من أنواع العيوب والنقائص، وينفي عنه أيضًا أن يكون له شريك، أو نديد، أو شبيه في شيء من صفاته، أو في حَقٍّ من حقوقه الخاصة، فكلُّ ما يُنافي صفات الكمال فإن اللهَ منزَّهٌ عنه مقدَّس.

والنَّفي مقصود لغيره، والقصد منه إثبات ما لم يرد نفي شيء منه في الكتاب والسنة عن الله إلا بقصد إثبات ضده، فنفيُ الشَّريكِ والنَّديدِ عن الله لكمال عظمته وتفرُّده بالكمال، ونفي السِّنَةِ والنَّوْمِ


(١) «منهاج السُّنَّة» (٢/ ١٨٤ - ١٨٧).

<<  <   >  >>