وأمَّا عن تفسير هذه السورة الكريمة فقد قال الحافظُ ابنُ كثير:
«قوله تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} «يعني: هو الواحد الأحد الذي لا نظير له، ولا وَزِيرَ، ولا نَديد، ولا شَبيه، ولا عديل، ولا يُطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله -عز وجل-؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
وقوله:{اللَّهُ الصَّمَدُ}.
قال عكرمة، عن ابن عباس: يعني: الذي يَصمد الخلائقُ إليه في حوائجهم ومسائلهم.
قال عليُّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هو السَّيد الذي قد كَمُل في سؤدده، والشريف الذي قد كَمُل في شرفه، والعظيم الذي قد كَمُل في عظمته، والحليم الذي قد كَمُل في حِلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كَمُل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشَّرف والسُّؤدد، وهو الله سبحانه، هذه صِفته لا تَنبغي إلا له، ليس له كفءٌ، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار.
قال مجاهد:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} يعني: لا صاحبةَ له.
وهذا كما قال تعالى:{بديع السماوات والأرض أنَّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الأنعام: ١٠١]، أي: هو مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له مِنْ خلقه نَظير يُساميه، أو قريب يُدانيه، تعالى وتقدس وتنزه؛ قال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ