للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُصدق، وحق الأوامر أن تُتَّبع، إذًا ما جاء هذا الوحي إلا ليُصلح هذا الباطن.

فهذا هو علم العقيدة إذا درسته وتعمقت فيه فبقدر هذا التعمق يجب أن تصلح من باطنك، وإذا أصلحت هذا الباطن استقام هذا الفكر؛ فرأيت الحق حقًّا والباطل باطلًا، وعندها تستقيم عندك أمور النظر، وتستقيم بهذا الوحي الذي هو كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتستقيم كذلك باتباع الأوامر؛ فمن هنا قدمت بهذه المقدمة المختصرة.

فالجانب العلمي هو أنك عرفت الله -سبحانه وتعالى-، ومَيَّزت بين هذا الإله الحق وبين هذه الآلهة الباطلة، وعرفت ما يستحقه -سبحانه وتعالى- من أسماء حسنى وصفات عُلَا .. إلى غير ذلك من هذه الجوانب العلمية، وهكذا إذا درست أعمال القلوب من خوف ورجاء وتوكل وغير ذلك .. فهذه جوانب عملية، وطبعًا كلا الأمرين لا بد منه، فعندما يقول السلف: «الإيمان- أي: العقيدة- قولٌ وعملٌ»، فإنما يعنون مجموع الأمرين؛ فلا ينفع العلم وحده، ولا ينفع العمل وحده.

ونحن لا نكتفي بباب العلم بالله -سبحانه وتعالى-، فهذا العلم لا بد أن يتبعه العمل، لذا بوب البخاري بابًا سماه: (باب العلم قبل القول والعمل؛ لقول الله تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد: ١٩] فبدأ بالعلم) (١).

فلعل في هذه المقدمة المختصرة بيان لمفهوم العقيدة وهو أن اعتقاد الأسان في باطنه بمجموع الأمرين؛ فيؤمن بجانب العلم، ويؤمن بجانب العمل.

وبالتالي دراسة هذه العقيدة تصلح هذين الجانبين، وبصلاحهما يَصلح الإنسان في جميع أحواله بإذن الله -سبحانه وتعالى-؛ فمتى ما ازداد علمًا بها


(١) «صحيح البخاري» (١/ ٢٤، ٢٥).

<<  <   >  >>