لذاته من الأسماء والصفات، والله قد أخفى عن الخلق كيفيَّة ذاته؟!
فمجمل القول: أن أهل السنة يعتقدون: أن باب الصفات كباب الأسماء يجب الاعتماد فيهما على ما جاء في الكتاب وما ثبت في السنة فقط.
وأن ما اتصف الله به من الصفات لا يُماثله فيها أحد من خلقه؛ فالله عز وجل قد أخبرنا بذلك بنصِّ كتابه العزيز حيث قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، فإذا ورد النص بصفة من صفات الله تعالى في الكتاب أو السنة فيجب الإيمان بها، والاعتقاد الجازم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والشرف والعُلو مما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فالشر كل الشر في عدم تعظيم الله، وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق، فعلى القلب المؤمن المصدق بصفات الله التي تَمَدَّح بها أو أَثنى عليه بها نبيُّه -صلى الله عليه وسلم-: أن يكون مُعَظِّمًا لله جل وعلا غير مُتنجس بأقذار التشبيه؛ لتكون أرض قلبه طيبة طاهرة قابلة للإيمان بالصفات على أساس التنزيه؛ أخذًا بقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(١).
فالعارفون به سبحانه وتعالى، والمصدقون لرسله، المُقِرُّون بكماله- يُثبتون لله جميع صفاته، وينفون عنه مشابهة المخلوقات؛ فيجمعون بين الإثبات ونفي التشبيه، وبين التنزيه وعدم التعطيل؛ فمذهبهم حسنة بين سيئتين، وهُدًى بين ضلالتين.