الله به نفسه إثباتًا ونفيًا؛ لأنه لا يُسَمِّي اللهَ أعلم بالله من الله، قال تعالى:{أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه}، وقال تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}، وقال تعالى:{وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}، وقال تعالى:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}، فالله عز وجل هو الذي سَمَّى ووصف نفسه بما جاء في نصِّ كلامه الذي هو القرآن.
ولا يُسَمِّي ويَصف اللهَ بعد الله أعلمُ بالله من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي قال الله في حقِّه:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، ولقد جاءت رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- بإثبات الصفات إثباتًا مفصلاً على وجه ثلجت به الصدور واطمأنت به القلوب، واستقر الإيمان في نصابه، وفَصَّلت ذلك أعظم مِنْ تفصيل الأمر والنهي، وقَرَّرته أكمل تقرير في أبلغ لفظ، ولذلك كان لزامًا على كل مسلم أن يؤمن بأسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة من غير زيادة ولا نقصان.
ثانيًا: تقديم الشرع على العقل، فالأصل في الدين الاتباع والمعقول تَبع؛ فمعتقد أهل السنة في هذا الباب وفي غيره من أبواب العقائد والأحكام: أنَّ العقل المجرد ليس له إثبات شيء من العقائد والأحكام، وإنما المرجع في ذلك إلى القرآن والسنة.
فالعقل لا يُمكنه إدراك ما يستحقه الله تعالى من الأسماء والصفات؛ فوجب الوقوف في ذلك على النص؛ لأن العقل يَقصر عن إدراك حقيقة المغيبات، حتى وإن كانت تلك المغيبات أقرب شيء إليه، فهو قاصر عن أن يُحيط علمًا بحقيقة رُوحه التي بين جَنْبَيْه؛ لمَّا أخفى الله أمرها عنه؛ قال تعالى:{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}، فإذا كان الإنسان يجهل أمر رُوحِه، فكيف يحيط علمًا بذات الله وما يَصلح وما لا يَصلح