للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلَّ محدثة؛ فإنها بدعة» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله: أن يكون أصلُ قصده توحيد الله بعبادته وحدة لا شريك له وطاعة رسوله، يدور على ذلك، ويتبعه أين وجده، ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة، فلا ينتصر لشخص انتصارًا مطلقًا عامًّا إلا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا لطائفة انتصارًا مطلقًا عامًّا إلا للصحابة -رضي الله عنه- م أجمعين. فإن الهدي يدور مع الرسول حيث دار، ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا، فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط، بخلاف أصحاب عالم من العلماء، فإنهم قد يُجمعون على خطأ، بل كل ما قالوه ولم يقله غيرهم من الأمة لا يكون إلا خطأ، فإن الدين الذي بعث الله به رسوله ليس مُسَلَّمًا إلى عالم واحد وأصحابه، ولو كان كذلك لكان ذلك الشخص نظيرًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو شبيه بقول الرافضة في الإمام المعصوم.

ولابد أن يكون الصحابة والتابعون يَعرفون ذلك الحق الذي بعث الله به الرسول، قبل وجود المتبوعين الذين تُنسب إليهم المذاهب في الأصول والفروع، ويمتنع أن يكون هؤلاء جاءوا بحقٍّ يخالف ما جاء به الرسول، فإن كل ما خالف الرسول فهو باطل، ويمتنع أن يكون أحدهم عَلِم من جهة الرسول ما يخالف الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فإن أولئك لم يجتمعوا على ضلالة، فلابد أن يكون قوله- إن كان حقًّا- مأخوذًا عما جاء به الرسول، موجودًا فيمن قبله، وكل قول قيل في دين الإسلام، مخالف لما مضى عليه الصحابة والتابعون- لم يَقله أحدٌ منهم بل قالوا خلافه-


(١) «صون المنطق» للسيوطي ٣٢٢.

<<  <   >  >>