للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنَّه قول باطل» (١).

فأصول أهل السنة والجماعة تقوم من حيث التأصيل على اعتماد الكتاب والسنة باعتبارهما الأصل في كل أمور الدِّين؛ سواء كانت تلك الأمور تتعلق بباب الاعتقاد أو بغير ذلك من أبواب الدِّين.

فصاحب السُّنَّة يُؤمن بأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ» (٢).

ويعلم أن السنة مصدر من مصادر التشريع في هذا الدِّين، وهي- كما قال المصنف: «تُفَسِّرُ القُرآنَ، وتُبَيِّنُهُ، وتَدُلُّ عَلَيْهِ، وتُعَبِّرُ عَنْهُ».

فالسُّنَّةُ مُفَسِّرة ومُبينة ودالَّة ومُعبرة عمَّا جاء في القرآن.

وقد ترد بعض أمور الدين في القرآن، ولا ترد في السُّنَّة، وقد ترد في السنة ولا تَرد في القرآن، أو تَرِدُ فيهما معًا.

فصاحب السُّنَّة يُؤمن أن هذا هو الأصل والمَصدر، ولا شكَّ أن في الاعتماد على هذين الأصلين الفلاح والنجاح، وهذا لا يتَّضح إلا إذا نظرنا إلى أصول أهل الباطل وما اعتمدوا عليه.

فمن أهل الباطل مَنْ اعتمد على ما يُسمونه بـ (المعقولات)؛ فاعتمدوا على عقولهم وعلى أفهامهم، وقَدَّسوا تلك المعقولات وتلك الفُهوم، وقَدَّموها على كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ثم طَعنوا في كلام الله وفي كلام رسوله؛ فما استطاعوا أن يَطعنوا فيه ثبوتًا فعلوا ذلك، وما استطاعوا أن يطعنوا فيه دلالة فعلوا ذلك.

وفئة أخرى منهم تعتمد على الرُّؤى والمنامات، ويُسمونه (العلم


(١) منهاج السنة ٥/ ٢٦٢ - ٢٦٣
(٢) رواه مالك بلاغًا (٢/ ٨٩٩) (٣٣٣٨)، وقال ابن عبد البر رحمه الله في «التمهيد» (٢٤/ ٣٣١): «وهذا محفوظٌ معروفٌ مشهورٌ عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عند أهل العِلمِ، شُهْرَةً يكاد يُسْتَغْنَى بها عن الإسنادِ، وروي في ذلك من أخبار الآحاد أحادِيثُ من أحاديث أبي هريرة وعمرو بن عوف»، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٩٣٧).

<<  <   >  >>