للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النِّحَلِ، كما أنَّ أهل الإسلام وسطٌ في المِلل» (١).

وقال رحمه الله: «قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}، ومِن أعظم أنواع الإلحاد في أسمائه: إنكار حقائقها ومعانيها، والتَّصريح بأنها مجازات، وهو أنواع هذا أحدها.

والثاني: جَحدها وإنكارها بالكلية.

والثالث: تشبيهه فيها بصفات المخلوقين ومعاني أسمائه، وأن الثابت له منها مماثل لخلقه» (٢).

واسمع إلى أبيات يُحَذِّر فيها ابنُ القَيِّم من الإلحاد؛ حيث يقول:

أسماؤه أوصافُ مَدْحٍ كلِّها … مُشتقة قد حُمِّلت لمعان

إيَّاك والإلحاد فيها إنه … كفر مَعاذ الله مِنْ كفران

وحقيقة الإلحاد فيها الميل بالإ … شراك والتَّعطيل والنُّكران

فالمُلحدون إذًا ثلاث طوائف … فعليهم غضبٌ من الرحمن

المشركون؛ لأنَّهم سموا بها … أوثانهم قالوا: إله ثان

هم شَبَّهوا المخلوق بالخلَّاق عكـ … سَ مُشبه الخَلَّاق بالإنسان

وكذاك أهل الاتحاد فإنَّهم … إخوانهم مِنْ أقرب الإخوان

والملحد الثاني فذو التَّعطيل إذ … ينفي حقائقها بلا برهان

هذا وثالثهم فنافيها ونا … في ما تدل عليه بالبهتان

ذا جاحد الرحمن رأسًا لم يُقِ … ر بخالق أبدًا ولا رحمن

هذا هو الإلحاد فاحذره لعل اللـ … ـه أن يُنجيك من نيران

وتفوز بالزُّلفى لديه وجَنَّة المَـ … أوى مِنْ الغفران والرِّضوان (٣)

ومِن خلال ما سبق يتضح: أنَّ الإلحاد دائر بين التَّعطيل والتمثيل، فلابد للنَّجاة من الإلحاد والسلامة منه أن نَحذر مِنْ هذين الداءين، وذلك بالبُعد


(١) «بدائع الفوائد» (١/ ١٧٠).
(٢) «مختصر الصواعق» (٢/ ١١٠).
(٣) «القصيدة النونية» (ص ١٥٤، ١٥٦).

<<  <   >  >>