أمَّا السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنَّه الواحد الأحد، فقال تعالى:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}[البروج: ١٢ - ١٦]، وقال تعالى:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى}[الأعلى: ١ - ٥].
وأما العقل، فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي صفاتُ مَنْ اتصف بها، فهي قائمة به، وكل موجود فلابد له من تعدُّد صفاته (١).
ومن المكابرة الصريحة والبُهت البيِّن: أن يُجعل معنى اسمه (القدير) هو معنى اسمه (السميع)، أو (البصير).
الرابع: أن يجعلها دالَّة على صفات تشابه صفات المخلوقين، كما فعل أهل التشبيه؛ وذلك لأنَّ التشبيه معنى باطل لا يُمكن أن تدل عليه النصوص، بل هي دالة على بطلانه، فجَعْلُها دالة عليه ميل بها عما يجب فيها.
قال ابن القيم: «ومِن الإلحاد في أسمائه: تشبيه صفاته بصفات خلقه- تعالى الله عما يقول المشبِّهون علوًّا كبيرًا- فهذا الإلحاد في مقابل إلحاد المعطلة؛ فإن أولئك نفوا صفات كماله وجحدوها، وهؤلاء شَبَّهوها بصفات خلقه، فَجَمَعَهُم الإلحادُ وتفرَّقت بهم طُرُقُه، وبرَّأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله، فلم يَصفوه إلا بما وصف به نفسه، لم يجحدوا صفاته، ولم يُشبهوها بصفات خلقه، ولم يَعدلوا بها عما أُنزِلَت عليه لفظًا ولا معنى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات، ونفوا عنه مشابهة المخلوقات؛ فكان إثباتهم بريًّا من التَّشبيه، وتنزيههم خليًّا من التعطيل، لا كمن شَبَّه حتى كأنه يَعبد صنمًا، أو عَطَّل حتى كأنه لا يعبد إلا عدمًا، وأهل السنة وسطٌ في