للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله صلى الله عليه وسلم: «لما قضى الله عز وجل الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: أن رحمتي غلبت غضبي» (١).

وفي مقام النفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ارْبَعُوا على أنفسكم (٢)؛ فإنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا» (٣)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تعالى ليس بأعور» (٤)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام» (٥).

وإثباتُ الصفة أو نفيُها مردُّه إلى وُرود ذلك نصًّا في القرآن أو السُّنَّة الصحيحة، إذ الصفاتُ توقيفية كالأسماء، ولذلك يقول السفاريني: «لا خلاف بين العقلاء أن الله- سبحانه وتعالى- متصف بجميع صفات الكمال، منزه عن جميع صفات النقص، لكنهم مع اتفاقهم على ذلك اختلفوا في الكمال والنقص؛ فتراهم يُثبت أحدهم لله ما يظنُّه كمالًا، وينفي الآخرُ عينَ ما أثبته هذا لظنِّه نقصًا، وسبب ذلك: أنهم سَلَّطوا الأفكار على ما لا سبيل إليه من طريق الفكر، فإن الله- تعالى- خلق العقول، وأعطاها قوة الفكر، وجعل لها حدًّا تقف عنده من حيث ما هي مفكرة، لا من حيث ما هي قابلة للوهب الإلهي، فإذا استعملت العقول أفكارها فيما هو في طورها وحدها ووفَّت النظر حقه، أصابت بإذن الله تعالى، وإذا سلطت الأفكار على ما هو خارج عن طورها ووراء حدها الذي حدَّه الله لها، رَكِبَت متن عمياء، وخبطت خبط عشواء، فلم يَثبت لها قدم، ولم ترتكن على أمر تطمئن إليه، فإن معرفة الله التي وراء طورها مما لا تستقل العقول بإدراكها من طريق الفكر وترتيب المقدمات، وإنما تدرك ذلك بنور النبوة وولاية المتابعة؛ فهو اختصاص إلهي يختص به الأنبياء وأهل وراثتهم مع حسن المتابعة، وتصفية القلب من وضر البدع والفكر من نزغات الفلسفة، والله يختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم» (٦).


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٧٥٥٣)، ومسلم (٢٧٥١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أي: ارفقوا بأنفسكم.
(٣) أخرجه البخاري (٢٩٩٢) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٤) متفق عليه: أخرجه البخاري (٣٠٥٧) ومسلم (٢٩٣١) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٥) أخرجه مسلم (١٧٩) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٦) «لوامع الأنوار البهية» للسفاريني، مؤسسة الخافقين، دمشق، الطبعة الثانية، ١٤٠٢ هـ- ١٩٨٢ م.

<<  <   >  >>