فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء، وقد أخطأ- أقبح خطإ- مَنْ اشتق له مِنْ كل فعل اسمًا، وبلغ بأسمائه زيادة على الألف؛ فسَمَّاه (الماكر)، و (المخادع)، و (الفاتن)، و (الكائد)، ونحو ذلك» (١).
وقال ابن القيم رحمه الله: «إنَّ الله تعالى لم يَصف نفسه بالكيد والمكر والخداع والاستهزاء مطلقًا، ولا ذلك داخل في أسمائه الحسنى، ومَن ظَنَّ مِنْ الجُهَّال المُصَنِّفين في شرح الأسماء الحسنى أنَّ مِنْ أسمائه تعالى (الماكر، المخادع، المستهزئ، الكائد) - فقد فاه بأمرٍ عظيم تقشعر منه الجلود، وتكاد الأسماع تصم عند سماعه، وغرَّ هذا الجاهل أنه سبحانه وتعالى أطلق على نفسه هذه الأفعال؛ فاشتق له منها أسماء، وأسماؤه تعالى كلها حُسنى، فأدخلها في الأسماء الحسنى، وقرنها بـ (الرَّحيم، الودود، الحكيم، الكريم).
وهذا جهل عظيم؛ فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقًا، بل تُمدح في موضع وتُذم في موضع، فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله تعالى مطلقًا، فلا يقال: إنه تعالى يَمكر ويخادع ويستهزئ ويَكيد، فكذلك بطريق الأَوْلَى لا يُشتق له منها أسماء يُسَمَّى بها، بل إذا كان لم يأت في أسمائه الحسنى: المريد ولا المتكلم ولا الفاعل ولا الصانع؛ لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم، وإنما يُوصف بالأنواع المحمودة منها؛ كـ (الحليم والحكيم والعزيز والفَعَّال لما يريد)، فكيف يكون منها: الماكر والمخادع والمستهزئ.
ثم يلزم هذا الغالط أن يجعل من أسمائه الحسنى: الداعي، والآتي، والجائي، والذاهب، والقادم، والرائد، والنَّاسي، والقاسم، والساخط، والغضبان، واللاعن، إلى أضعاف ذلك مِنْ التي أطلق تعالى على نفسه أفعالها من القرآن، وهذا لا يقوله مسلمٌ ولا عاقل.
والمقصود: أنَّ الله سبحانه لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا