جميع الوجوه مشابهًا في صفاته للمخلوق المَربوب النَّاقص المفتقر إلى مَنْ يُكَمِّله؟ وهل اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق، فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصًا.
الثالث: أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية؛ فنشاهد أن للإنسان يدًا ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم. فهذه يَدٌ وهذه يَدٌ، وهذه قوة وهذه قوة، وبينهما تباين في الكيفية والوصف؛ فعُلِم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يَلزم منه الاتفاق في الحقيقة.
والتشبيه كالتمثيل، وقد يفرق بينهما بأن التمثيل التسوية في كل الصفات، والتشبيه التسوية في أكثر الصفات، لكن التعبير بنفي التمثيل أولى لموافقة القرآن:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
وأمَّا التكييف: فهو أن يعتقد المُثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا، مِنْ غير أن يُقيدها بمماثل. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.
أمَّا السمع: فمنه قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً}، وقوله:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}، ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا؛ لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تكييفنا قَفْوًا لما ليس لنا به علم وقولاً بما لا يُكننا الإحاطة به.
وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته، أو العلم بنظيره المُساوي له، أو بالخبر الصادق