عنه. وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله عز وجل، فوجب بطلان تكييفها.
وأيضًا فإننا نقول: أيُّ كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟
إن أيَّ كيفية تُقَدِّرها في ذهنك فالله أعظم وأجَلُّ مِنْ ذلك.
وأيَّ كيفية تُقَدِّرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذبًا فيها؛ لأنه لا عِلم لك بذلك.
وحينئذ يجب الكَفُّ عن التَّكييف تقديرًا بالجَنان، أو تقريرًا باللسان، أو تحريرًا بالبَنان.
ولهذا لما سُئل مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى عَلَاه الرّحضاء (العرق)، ثم قال:«الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعه»، وروى عن شيخه ربيعة أيضًا:«الاستواء غير مجهول، والكيف غيرُ مَعقول». وقد مشى أهلُ العلم بعدهما على هذا الميزان. وإذا كان الكيف غير معقول ولم يَرد به الشرع- فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي؛ فوجب الكف عنه.
فالحذر الحذر من التَّكييف أو محاولته؛ فإنك إن فعلت وقعت في مَفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنَّه مِنْ نزغاته؛ فالجأ إلى ربك فإنه مَعاذك، وافعل ما