في حيز» ولا إلى غير ذلك؛ فجعلوه والعدم سواء، وإذا تحدثوا عن صفات الله تعالى تحدثوا عن سبع صفات فقط، وإذا تحدثوا عن أفعال الله تعالى هذا هو الذي سَلِم لهم:«توحيد الربوبية»؛ فلم يَسلم لهم إلا توحيد الربوبية، ونحن نعلم أن كفار قريش كانوا مُقِرِّين بتوحيد الربوبية:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزمر: ٣٨]؛ فهذا حاصل توحيد هؤلاء.
وأمَّا الصُّوفيون: فغالب طلبهم وعملهم في المحبة والبغضة، والإرادة والكراهة، والحركات العملية؛ فاعتنوا بجانب العمل، وأهملوا جانب العلم، وكذلك عملهم لم ينبنِ على السنة، وإنَّما انبنى على البدعة؛ إذ غايتهم المحبة والانقياد والعمل والإرادة.
وهكذا إذا جئنا إلى أهل التصوف لم نجد عندهم من حقيقة التوحيد شيء.
أمَّا توحيدُ أهل السُّنَّة فيقوم على هذين الأصلين العظيمين: أن تَعرف اللهَ، وذاك بمعرفة أسمائه وصفاته التي وردت في الكتاب والسُّنَّة. وأن تعبد الله، وهذا باتِّباع شرع الله -عز وجل- على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
فالسلف وأتباعهم جعلوا من توحيد الأسماء والصفات إحدى الرَّكيزتين التي قام عليها منهجهم المعتمد على نصوص الكتاب والسنة، وذلك لما لهذا التوحيد من أهمية ومنزلة، وهذا ما تشهد له كثرة النصوص الشرعية الواردة في هذا الشأن.
فلذلك لا بد لصاحب السُّنَّة أن يدرس هذا الباب، وأن يَبني هذه الدراسة على الكتاب والسنة؛ ليعرف الله -سبحانه وتعالى-، فلن تكون من أصحاب السنة ولن تكون من أتباع السلف حتى تُعنى بهذا الباب، وطبعًا العلم بهذا الباب- كما ذكر العلماء مطلوب لذاته، ليس وسيلة للعمل كما يزعم البعض؛ فكلٌّ من العِلم بالله والعمل لله مطلوب لذاته؛ فقد يكون منه ما هو وسيلة، ومنه ما هو غاية؛ فيجب أن نعلم أنه لا بد من معرفة هذا الباب وتعلمه؛ باعتبار أنه أمر